يجب أولاً معرفة إن مكة من تهامة ، وتهامة من اليمن .
فمحمد وال محمد (ص) كلهم يمانية فمحمد (ص) يماني وعلي (ع) يماني والإمام المهدي (ع) يماني والمهديين الإثني عشر يمانية والمهدي الأول يماني.
وهذا ما كان يعرفه العلماء العاملين الأوائل (رحمهم الله) (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً) (مريم:59) ، وقد سمى العلامة المجلسي (رحمه الله) في البحار كلام أهل البيت (ع) (بالحكمة اليمانية) راجع مقدمة البحار ج1 ص1
بل ورد هذا عن رسول الله (ص ) ، كما وسمى عبد المطلب (ع) البيت الحرام بالكعبة اليمانية راجع بحار الأنوار ج22، 51، 75 .
لعل الظاهرة الأكثر بروزاً فيما يتعلق بتخبط التصورات المطروحة بشأن تحديد شخصية اليماني، تتجلى بذلك التسرع البعيد كل البعد عن الموضوعية في نسبة
اليماني إلى بلاد اليمن، وهو تسرع تغذيه في وقتنا الراهن مآرب منشؤها الحرب الشعواء التي تشنها المرجعيات المزيفة على الدعوة المباركة التي رفع لواءها يماني آل محمد السيد أحمد الحسن (ع).
ولمعالجة هذه الشبهة لابد في البداية من تبين الأرضية التي يبني عليها القائلون بيمنية
اليماني قولهم هذا. وفي هذا الصدد ثمة منشئان ينطلقون منهما؛ أولهما: عائدية النسبة من كلمة (
اليماني ) إلى اليمن. فمن الواضح أن كلمة (
اليماني ) يمكن أن يراد منها بيان نسبة هذا الرجل إلى بلاد اليمن، أما الثاني فهو ورود روايات فيها نص على أن
اليماني يخرج من بلاد اليمن.
إذن سنناقش أولاً المنشأ الأول للشبهة على أن نعقب لاحقاً بمناقشة المنشأ الثاني.
يقول الشيخ السند: (كما إن هناك علامة أخرى تشير إليها الرواية وهي كون خروجه من بلاد اليمن، وهو وجه تسميته باليماني) (فقه علائم الظهور: 28).
والمقصود من وجه التسمية هو النسبة إلى بلاد اليمن كما ذكرنا آنفاً، ويقول الكوراني: (أما في منطقة الخليج فمن الطبيعي أن يكون لليمانيين الدور الأساسي فيها مضافاً إلى الحجاز، وإن لم تذكر ذلك الروايات) (عصر الظهور: 113).
وقوله: ( وإن لم تذكر ذلك الروايات ) إشارة إلى ظنه أن
اليماني يخرج من بلاد اليمن.
إذن واضح إن هذين الشخصين، وسواهم ينسبان
اليماني إلى بلاد اليمن من منطلق لغوي هو عائدية النسبة من كلمة
اليماني الى بلاد اليمن، وبخصوص السند يعتمد هو أيضاً على دليل روائي سنؤجل الخوض فيه إلى حينه كما وعدنا.
في صدد مناقشة الأمر الأول أقول إن النسبة من لفظ
اليماني يمكن أن تعود إلى اليمن، ويمكن أن تعود إلى اليُمن (بمعنى البركة)، ويمكن كذلك أن تعود إلى اليمين، كأن يكون شخص في يده اليمنى ما يميزها، ويمكن كذلك أن تعود إلى معنى إنه صاحب يد بيضاء أو كريمة، فالكريم يسمى صاحب الأيادي البيضاء، والعطاء باليمين، بل إن البعض ربما تيشائم ممن يعطي بشماله، ويمكن أيضاً أن يكون وجه التسمية خافياً علينا. فالاحتمالات كثيرة ولايوجد ما يرجح أحدها على سواه.
ولكن على فرض القول بعائدية النسبة إلى بلاد اليمن، فليس معنى ذلك إنه من قاطني هذه البلاد بالضرورة. فمن المعروف الذي لا ينكره أحد أن كثيراً من الناس ينتسبون الى منطقة، ومحل سكناهم منطقة أخرى، فصهيب رومي، وبلال حبشي، وكلاهما عاشا وماتا في بلاد العرب، ومثلهما السيد الخوئي الذي ينتسب إلى مدينة (خوء)، وهو عاش ومات في العراق، وغيره الكثير.
كما أنه من المعروف أن مكة من تهامة وتهامة من اليمن، فرسول الله (ص) وأهل بيته (ع) كلهم يمانية، وقد ورد عن رسول الله (ص)
وإن الإيمان يماني، والحكمة يمانية) وعنه (ص)
الإيمان يمان وأنا يماني).
ورد في المجازات النبوية - الشريف الرضي - ص 338 – 339:
( ... ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام : الإيمان يمان والحكمة يمانية " وهذا قدر ما أورده أبو عبيد في كتابه من هذا الخبر ، وقد ذكر غيره زيادة كثيرة ، وهي قوله عليه الصلاة والسلام بعد الكلام المتقدم " رحا الإسلام دائرة في قحطان ، حمير رؤوس العرب وبهاؤها ، والأسد كاهلها وجمجمتها، ومذحج هامتها وغلصمتها. في حديث طويل ، وفي هذا الحديث عدة مجازات : أحدها قوله عليه الصلاة والسلام : الإيمان يمان والحكمة يمانية ، والمراد أهل الإيمان وأهل الحكمة يمانون، وأمثال ذلك في الكلام معروف كثير. ويدخل في هذا الوصف أهل مكة وأهل المدينة. فأما مكة فهي جهة من جهات اليمن ومفضى إلى ذلك الشق والسمت . وأما المدينة فمعظم أهلها الأنصار وهم من أهل اليمن بالأصل وإن كانوا من أهل الحجاز بالدار، وقد قيل إنه عليه الصلاة والسلام قال هذا الكلام بتبوك وهي من أرض الشام ، وكانت مكة والمدينة حينئذ بينه وبين اليمن ، فأشار إلى جهة اليمن ، وهو يريد مكة والمدينة ).
في هذا النص يعد الشريف الرضي قول الرسول (ص): (الإيمان يمان والحكمة يمانية) من قبيل المجاز، أي إنه يصرف لفظا ( يمان ) و ( يمانية ) عن ظاهرهما الذي ينسب الإيمان والحكمة إلى بلاد اليمن، ليجعلهما لأهل مكة والمدينة بتقريب أن مكة جهة من جهات اليمن، والمدينة معظم أهلها أصلهم من اليمن. وتوجيهه الآخر سيأتي في كلمات آخرين غيره.
وفي بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 1 - ص 1، ورد في المقدمة:
( بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي سمك سماء العلم ، وزينها ببروجها للناظرين ، وعلق عليها قناديل الأنوار بشموس النبوة وأقمار الإمامة لمن أراد سلوك مسالك اليقين ، وجعل نجومها رجوما لوساوس الشياطين ، وحفظها بثواقب شهبها عن شبهات المضلين ، ثم بمضلات الفتن أغطش ليلها وبنيرات البراهين أخرج ضحاها ، ومهد أراضي قلوب المؤمنين لبساتين الحكمة اليمانية فدحاها، وهيأها لأزهار أسرار العلوم الربانية فأخرج منها ماءها ومرعاها ، وحرسها عن زلازل الشكوك والأوهام ، فأودع فيها سكينة من لطفه كجبال أرساها ، فنشكره على نعمه التي لا تحصى ، معترفين بالعجز والقصور ، ونستهديه لمراشد أمورنا في كل ميسور ومعسور ).
العلامة المجلسي في مقدمة كتب البحار إذن يصف كلام آل محمد بقوله: (الحكمة اليمانية ). الأمر الذي يدل على أن لفظ ( اليمانية ) لا يراد منها النسبة إلى بلاد اليمن.
وفي معجم البلدان - الحموي - ج 2 - ص 63:
( ... قال المدائني : تهامة من اليمن وهو ما أصحر منها إلى حد في باديتها ومكة من تهامة ، وإذا جاوزت وجرة وغمرة والطائف إلى مكة فقد أتهمت ).
في هذا النص ينص المدائني على أن مكة من تهامة، وتهامة من اليمن، فتكون مكة من اليمن. وبالنتيجة يكون محمد وآل محمد يمانيون، ولا اختصاص للقب ( يماني ) بمن يسكن بلاد اليمن.
وفي شرح أصول الكافي للمولي محمد صالح المازندراني ج11 ص 427 – 428:
( ... فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : كذبت بل رجال أهل اليمن أفضل والإيمان يماني والحكمة يمانية ولولا الهجرة لكنت امرأ من أهل اليمن ) كذبه ( صلى الله عليه وآله ) وأشار إلى أن أفضل الرجال ليس ما ذكره سيما إذا كان من الحمية الجاهلية بل فضلهم هو الإيمان والحكمة وهو غير موجود فيهم بل هو في رجال أهل اليمن قيل : المراد بهم الأنصار الذين استجابوا لله ولرسوله طوعا ونصروه وهم يمانيو النسب وقيل : المراد بهم أهل مكة أي بعضهم إما لأن مكة من تهامة وتهامة من أرض اليمن أو لأنه قال : هذا وهو بتبوك ومكة بينه وبين اليمن فأشار إلى ناحية اليمن وأراد مكة ويؤيده قوله « ولولا الهجرة لكنت امرأ من أهل اليمن » فإنه صريح في أن المراد باليمن مكة بأحد الوجهين المذكورين وقوله « الإيمان يماني » أي منسوب إلى اليمن معناه على القول الأول أن قوة الإيمان واشتهاره من أهل اليمن لكونهم من أنصار الدين وعلى القول الثاني أن مبدأه مكة ).
هنا أيضاً يتم تفسير الإيمان يماني بالقول إن مكة من اليمن. ويؤكد المازندراني هذا المعنى في ج 12 - ص 130 عند تفسير: ( قبلته يمانية )، بالقول: ( لأن مكة من تهامة وتهامة من أرض اليمن ولهذا يقال : الكعبة اليمانية ).
وفي شرح مسلم - النووي - ج 2 - ص 30 – 33:
(( ... وفى رواية جاء أهل اليمن هم أرق أفئدة، الإيمان يمان والفقه يمان والحكمة يمانية وفى رواية أتاكم أهل اليمن هم أضعف قلوبا وأرق أفئدة، الفقه يمان والحكمة يمانية وفى رواية رأس الكفر نحو المشرق والفخر والخيلاء في أهل الخيل والإبل الفدادين أهل الوبر، والسكينة في أهل الغنم. وفى رواية الإيمان يمان والكفر قبل المشرق والسكينة في أهل الغنم والفخر والرياء في الفدادين أهل الخيل والوبر وفى رواية أتاكم أهل اليمن هم ألين قلوبا وأرق أفئدة الإيمان يمان والحكمة يمانية ورأس الكفر قبل المشرق وفي رواية غلظ القلوب والجفاء في المشرق والإيمان في أهل الحجاز. قد اختلف في مواضع من هذا الحديث وقد جمعها القاضي عياض رحمه الله ونقحها مختصرة بعده الشيخ أبو عمرو بن الصلاح رحمه الله وأنا أحكى ما ذكره قال: أما ما ذكر من نسبة الإيمان إلى أهل اليمن فقد صرفوه عن ظاهره من حيث إن مبدأ الإيمان من مكة ثم من المدينة حرسهما الله تعالى فحكى أبو عبيد إمام الغرب ثم من بعده في ذلك أقوالا أحدها أنه أراد بذلك مكة فإنه يقال أن مكة من تهامة وتهامة من أرض اليمن والثاني أن المراد مكة والمدينة فإنه يروى في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال هذا الكلام وهو بتبوك ومكة والمدينة حينئذ بينه وبين اليمن فأشار إلى ناحية اليمن وهو يريد مكة والمدينة فقال الإيمان يمان ونسبهما إلى اليمن لكونهما حينئذ من ناحية اليمن كما قالوا الركن
اليماني وهو بمكة لكونه إلى ناحية اليمن والثالث ما ذهب إليه كثير من الناس وهو أحسنها عند أبي عبيد أن المراد بذلك الأنصار لأنهم يمانون في الأصل فنسب الإيمان إليهم لكونهم أنصاره )).
وفي بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 15 - ص 310:
( فلما دنا أبو طالب من الكعبة قال : اللهم رب هذه الكعبة اليمانية ، والأرض المدحية ، والجبال المرسية ).
فالكعبة إذن يمانية بحسب هذا النص.
وفيه أيضاً - ج 22 - ص 137:
( وقال الجزري : في الحديث الإيمان يمان ، والحكمة يمانية ، إنما قال ( صلى الله عليه وآله ) ذلك لان الإيمان بدأ من مكة وهي من تهامة ، وتهامة من أرض اليمن، ولهذا يقال : الكعبة اليمانية ، وقيل : إنه قال هذا القول للأنصار لأنهم يمانون ، وهم نصروا الإيمان والمؤمنين وآووهم فنسب الإيمان إليهم انتهى ).
من كل ما تقدم يتضح اختلافهم في تفسير عبارات ( الإيمان يماني ) و ( الكعبة يمانية ) و ( الحكمة يمانية )، وعليه لا يمكن الركون إلى القول بأن
اليماني يخرج من بلاد اليمن اعتماداً على الزعم بأن النسبة من يماني تعود إلى بلاد اليمن.
بل لعل قوله (ص): الحكمة يمانية والإيمان يمان، وقوله ( ص): وأنا امرؤ يماني يشير إلى حقيقة غائبة عن الأذهان، فهي بالنتيجة تعبيرات متشابهة لا يسع أحد أن يقطع بها بشيء محدد. بل لا يمكننا مما تقدم سوى أن نستنتج أن استعمال آل محمد لألفاظ (يماني) و (يمانية)، يراد منه الإشارة إلى الأصل فهو استعمال مجازي، كما قرر الشريف الرضي. فرسول الله (ص) وأهل البيت (ع) بالنتيجة كلهم يمانية، إشارة إلى الأصل، وهذا هو المطلوب في بحثنا هذا، فإن مرادنا إثبات أن
اليماني لا يخرج من بلاد اليمن، وطالما كان
اليماني من آل محمد (ع) كما ثبت في محله، وآل محمد (ع) هم يمانية وإن سكنوا أي أرض، فاليماني لا يمكن القول إنه لابد أن يخرج من بلاد اليمن.
وقد ورد في كتاب الفتن - نعيم بن حماد المروزي - ص 231:
عن شريح بن عبيد عن كعب قال: ( ما المهدي إلا من قريش وما الخلافة إلا فيهم غير أن له أصلا ونسبا في اليمن ).
وورد في عيون أخبار الرضا (ع) - الشيخ الصدوق - ج 2 - ص 261 بخصوص تضمن حديثهم (ع) للمتشابه:
عن أبي حيون مولى الرضا عليه السلام قال: ( من رد متشابه القرآن إلى محكمة هدى إلى صراط مستقيم ثم قال : إن في أخبارنا متشابهاً كمتشابه القرآن ومحكما كمحكم القرآن فردوا متشابهها إلى محكمها ولا تتبعوا متشابهها دون محكمها فتضلوا ).
إذن تحديد هوية
اليماني اعتماداً على أمر لغوي هو عائدية النسبة من كلمة
اليماني على بلاد اليمن أمر لا يقدم عليه من يتحرى الحقيقة، بل هو أقرب إلى من شأنه ابتغاء الفتنة وتأويل الحقائق عبر إتباع المتشابه.
* * *
وبالنسبة للأمر الثاني ، فقد وردت بعض الروايات كان لها الأثر في توليد الشبهة لدى الكثيرين، أهمها ما ورد في كمال الدين وتمام النعمة الشيخ الصدوق/ص330– 331:
( حدثنا محمد بن محمد بن عصام رضي الله عنه قال : حدثنا محمد بن يعقوب الكليني قال : حدثنا القاسم بن العلاء قال : حدثني إسماعيل بن علي القزويني قال : حدثني علي بن إسماعيل ، عن عاصم بن حميد الحناط ، عن محمد بن مسلم الثقفي قال : سمعت أبا جعفر محمد بن علي الباقر عليهما السلام يقول : القائم منا منصور بالرعب ، مؤيد بالنصر تطوي له الأرض وتظهر له الكنوز ، يبلغ سلطانه المشرق والمغرب ، ويظهر الله عز وجل به دينه على الدين كله ولو كره المشركون ، فلا يبقى في الأرض خراب إلا قد عمر ، و ينزل روح الله عيسى بن مريم عليه السلام فيصلي خلفه ، قال : قلت: يا ابن رسول الله متى يخرج قائمكم ؟ قال : إذا تشبه الرجال بالنساء ، والنساء بالرجال ، واكتفى الرجال بالرجال ، والنساء بالنساء ، وركب ذوات الفروج السروج ، وقبلت شهادات الزور ، وردت شهادات العدول ، واستخف الناس بالدماء وارتكان الزنا وأكل الربا ، واتقي الأشرار مخافة ألسنتهم ، وخروج السفياني من الشام ، واليماني من اليمن ، وخسف بالبيداء ، وقتل غلام من آل محمد صلى الله عليه وآله بين الركن والمقام ، اسمه محمد بن الحسن النفس الزكية ... ).
وفيها كما هو واضح نص على أن
اليماني من اليمن، ولكن المسألة لا تنتهي عند هذا الحد، بل إن هذه الرواية تضعنا أمام علامة تساؤل عن حقيقة عبارة ( من اليمن )، وهذا التساؤل منشؤه ورود هذه رواية بالسند نفسه في كتاب كمال الدين نفسه في الصفحة/ 327 – 328 أي إنها قبل الرواية السابقة، ومضمونها يكاد يكون نفس مضمون الرواية الأولى من جهة السؤال عن علامات خروج القائم (ع)، حتى لتكاد الروايتان تكونا رواية واحدة تمت روايتها مرتين بزيادة أو نقصان في كل مرة:
( حدثنا محمد بن محمد بن عصام رضي الله عنه قال : حدثنا محمد بن يعقوب (الكليني) قال : حدثنا القاسم بن العلاء قال : حدثنا إسماعيل بن علي القزويني قال: حدثني علي بن إسماعيل ، عن عاصم بن حميد الحناط، عن محمد بن مسلم الثقفي الطحان قال : دخلت على أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليهما السلام وأنا أريد أن أسأله عن القائم من آل محمد صلى الله عليه وعليهم ، فقال لي مبتدئا : يا محمد بن مسلم إن في القائم من آل محمد صلى الله عليه وآله شبها من خمسة من الرسل : يونس بن متى ، ويوسف بن يعقوب ، وموسى ، وعيسى ، ومحمد ، صلوات الله عليهم : . فأما شبهه من يونس بن متى : فرجوعه من غيبته وهو شاب بعد كبر السن ، و أما شبهه من يوسف بن يعقوب عليهما السلام : فالغيبة من خاصته وعامته ، واختفاؤه من إخوته وإشكال أمره على أبيه يعقوب عليهما السلام مع قرب المسافة بينه وبين أبيه وأهله و شيعته . وأما شبهه من موسى عليه السلام فدوام خوفه ، وطول غيبته ، وخفاء ولادته ، وتعب شيعته من بعده مما لقوا من الأذى والهوان إلى أن أذن الله عز وجل في ظهوره ونصره وأيده على عدوه . وأما شبهه من عيسى عليه السلام : فاختلاف من اختلف فيه ، حتى قالت طائفة منهم : ما ولد ، وقالت طائفة : مات ، وقالت طائفة : قتل وصلب. وأما شبهه من جده المصطفى صلى الله عليه وآله فخروجه بالسيف، وقتله أعداء الله وأعداء رسوله صلى الله عليه وآله ، والجبارين والطواغيت ، وأنه ينصر بالسيف والرعب ، وأنه لا ترد له راية. وإن من علامات خروجه : خروج السفياني من الشام ، وخروج
اليماني ( من اليمن ) وصحية من السماء في شهر رمضان ، ومناد ينادي من السماء باسمه و اسم أبيه ).
وفي هذه الرواية وردت عبارة ( من اليمن ) بين قوسين، الأمر الذي يشير إلى أنها غير موجودة في الرواية، وإنما تمت إضافتها في بعض النسخ من قبل بعض النساخ.
وفي هذا الصدد ينبغي أن نعلم أن محققي الكتب يحاولون جمع كل ما يقع بأيدهم من نسخ الكتاب المُحَقَق ثم يحاولون العثور من بينها على نسخة المؤلف نفسها، أو نسخة منقولة عنها وعادة ما تكون هذه نسخ كثيرة لا نسخة واحدة، وقد تقع بأيدهم نسخ فرعية منقولة عن نسخ منقولة عن نسخة المؤلف.
وهكذا تتحصل لديهم مجموعة من النسخ، يجعلون أقدمها العمدة، ما لم تتعارض مع بعض الاعتبارات التي تجعل نسخة أخرى غيرها أولى منها في الاعتماد كأن تكون النسخة الأحدث تأريخاً صحيحة المتن، أو كاتبها دقيق، أو قليلة السقط، وغيرها من الأمور التي تذكرها كتب تحقيق النصوص.
ولكن اتخاذ نسخة أصل لا يعني إلغاء دور النسخ الأخرى بل إنهم يقابلون النسخة المعتمدة على غيرها، فيعدلون أو يضيفون بحسب ما يتوصل إليه اجتهادهم، فقد يضيفون عبارة – وهو محل الشاهد بالنسبة لنا – يجدونها في نسخة أخرى غير المعتمدة، يضيفونها إلى النسخة التي يعدونها للطباعة لأنهم يرونها مكملة للكلام المتقدم عليها، ويضعونها بين أقواس تنبيهاً للقارئ على هذه الإضافة.
إذن عبارة ( من اليمن ) الموضوعة بين قوسين في الرواية الثانية، تمت إضافتها إلى النص الأصلي، والذي يدل على زيادتها وكونها لا وجود لها في النص الأصلي هو أن هذه الرواية قد نقلها بعض المؤلفون دون هذه الزيادة، فقد نقلها عن كمال الدين صاحب كتاب كشف الغمة - ابن أبي الفتح الإربلي - ج 3 - ص 329 – 330:
( عن محمد بن مسلم قال دخلت على أبي جعفر عليه السلام وأنا أريد أن أسأله عن القائم من آل محمد فقال مبتدياً يا محمد بن مسلم إن في القائم من آل محمد شبها من خمسة من الرسل يونس بن متي ويوسف بن يعقوب وموسى وعيسى ومحمد صلوات الله عليهم أجمعين فأما شبهه من يونس فرجوعه من غيبته وهو شاب بعد كبر السن وأما شبهه من يوسف فالغيبة من خاصته وعامته واختفاؤه عن إخوته وإشكال أمره على أبيه يعقوب النبي عليه السلام مع قرب المسافة بينهما وأما شبهه من موسى عليه السلام فهو دوام خوفه وطول غيبته وخفاء مولده على عدوه وحيرة شيعته من بعده مما لقوا من الأذى والهوان إلى أن يأذن الله في ظهوره وأيده على عدوه وأما شبهه من عيسى عليه السلام فاختلاف من اختلف فيه حتى قالت طائفة ما ولد وطائفة قالت مات وطائفة قالت صلب وأما شبهه من جده محمد صلى الله عليه وآله وسلم فتجريده السيف وقتله أعداء الله وأعداء رسوله والجبارين والطواغيت وانه ينصر بالسيف والرعب وانه لا ترد له راية وان من علامات خروجه خروج السفياني من الشام وخروج
اليماني وصيحة من السماء في شهر رمضان ومناد ينادي باسمه واسم أبيه ).
وكما تلاحظون لا وجود لعبارة ( من اليمن ) في هذه الرواية. ونقلها الشيخ الطبرسي كذلك في إعلام الورى بأعلام الهدى - ج 2 - ص 233:
( محمد بن مسلم الثقفي قال : دخلت على أبي جعفر عليه السلام وأنا أريد أن أسأله عن القائم من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم فقال لي مبتدئا : " يا محمد بن مسلم ، إن في القائم من آل محمد شبها بخمسة من الرسل : يونس بن متى ، ويوسف بن يعقوب ، وموسى ، وعيسى ، ومحمد صلوات الله عليه وآله وعليهم . فأما شبهه الذي من يونس عليه السلام فرجوعه من غيبته وهو شاب مع كبر السن . وأما شبهه من يوسف عليه السلام فالغيبة من خاصته وعامته ، واختفاؤه من إخوته ، وإشكال أمره على أبيه يعقوب النبي مع قرب من المسافة بينه وبين أبيه وأهله وشيعته . وأما شبهه من موسى عليه السلام فدوام خوفه ، وطول غيبته ، وخفاء ولادته ، وتعب شيعته من بعده مما لقوا من الأذى والهوان إلى أن أذن الله في ظهوره ، وأيده على عدوه . وأما شبهه من عيسى عليه السلام فاختلاف من اختلف فيه حتى قالت طائفة : ما ولد ، وطائفة قالت : مات ، وطائفة قالت : قتل وصلب . وأما شبهه من جده المصطفى صلى الله عليه وآله فتجريده السيف ، وقتله أعداء الله وأعداء رسوله والجبارين والطواغيت ، وأنه ينصر بالسيف وبالرعب ، وأنه لا ترد له راية ، وإن من علامات خروجه : خروج السفياني من الشام ، وخروج
اليماني ، وصيحة من السماء في شهر رمضان ، ومناد ينادي باسمه واسم أبيه ).
وهنا أيضاً لا وجود لعبارة ( من اليمن ).
ووردت أيضاً في بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 51 - ص 217 – 218:
( إكمال الدين : الهمداني ، عن علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن سليمان بن داود ، عن أبي بصير ، وحدثنا ابن عصام ، عن الكليني ، عن القاسم بن العلا ، عن إسماعيل بن علي ، عن علي بن إسماعيل ، عن عاصم بن حميد ، عن محمد بن مسلم قال : دخلت على أبي جعفر عليه السلام وأنا أريد أن أسأله عن القائم من آل محمد صلى الله عليه وآله فقال لي مبتدئا : يا محمد بن مسلم إن في القائم من آل محمد صلى الله عليه وآله شبها من خمسة من الرسل : يونس بن متى ، ويوسف بن يعقوب ، وموسى ، وعيسى ، ومحمد صلوات الله عليهم ، فأما شبهه من يونس فرجوعه من غيبته وهو شاب بعد كبر السن وأما شبهه من يوسف بن يعقوب فالغيبة من خاصته وعامته ، واختفاؤه من إخوته وإشكال أمره على أبيه يعقوب عليه السلام مع قرب المسافة بينه وبين أبيه وأهله وشيعته ، وأما شبهه من موسى فدوام خوفه وطول غيبته وخفاء ولادته وتعب شيعته من بعده بما لقوا من الأذى والهوان إلى أن أذن الله عز وجل في ظهوره ونصره وأيده على عدوه وأما شبهه من عيسى فاختلاف من اختلف فيه حتى قالت طائفة منهم ما ولد وقالت طائفة مات وقالت طائفة قتل وصلب . وأما شبهه من جده المصطفى صلى الله عليه وآله فخروجه بالسيف وقتله أعداء الله وأعداء رسوله صلى الله عليه وآله والجبارين والطواغيت وأنه ينصر بالسيف والرعب وأنه لا ترد له راية وأن من علامات خروجه خروج السفياني من الشام وخروج
اليماني وصيحة من السماء في شهر رمضان ومناد ينادي باسمه واسم أبيه ).
وهنا أيضاً لا وجود لعبارة ( من اليمن ).
إذن هذه المصادر القديمة ثلاثتها قد نقلت الرواية عن كمال الدين ولم تكن العبارة موجودة فيها، فمن المرجح أن تكون عبارة ( من اليمن ) قد تمت إضافتها إلى واحدة من نسخ كمال الدين في زمن لاحق لزمن تأليف هذه الكتب الثلاثة، والمرجح أن يكون أحد النساخ قد أضافها، لأنه توهم أن
اليماني يخرج من اليمن، بحسب القرينة اللغوية أو عائدية النسبة من
اليماني إلى اليمن، وقد سبق أن ناقشنا هذا الأمر. ولعل ما شجعه على هذا هو أن ذكر السفياني في الرواية يقترن بتحديد مكان خروجه ( وخروج السفياني من الشام ) فرأى أن التعبير يكون متناسباً أكثر إذا ألحقت عبارة ( من اليمن ) بلفظ
اليماني.
ولعل هذا الناسخ قد شد من عزمه ورود عبارة ( من اليمن ) في الرواية الأولى التي ذكرناها آنفاً، ولكنه احتمال ضعيف للغاية، لأننا نقرأ هذه الرواية الأولى نفسها في شرح إحقاق الحق للسيد المرعشي - ج 13 - ص 342، نقلاً عن الفصول المهمة، وليس فيها عبارة (
اليماني من اليمن )، بل لا ذكر فيها لليماني البتة، يقول السيد المرعشي:
( ما رواه القوم : منهم العلامة ابن الصباغ المالكي في " الفصول المهمة " قال : روى عن أبي جعفر أيضا قال : المهدي منا منصور بالرعب مؤيد بالظفر تطوى له الأرض وتظهر له الكنوز ويبلغ سلطانه المشرق والمغرب ويظهر الله دينه على الدين كله ولو كره المشركون ، فلا يبقى في الأرض خراب إلا عمره ولا تدع الأرض شيئا من نباتها إلا أخرجته ويتنعم الناس في زمانه نعمة لم يتنعموا مثلها قط ، قال الراوي : فقلت له : يا ابن رسول الله فمتى يخرج قائمكم ؟ قال : إذا تشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال وركبت ذوات الفروج السروج وأمات الناس الصلاة واتبعوا الشهوات وأكلوا الربا واستخفوا بالدعاء وتعاملوا بالريا وتظاهروا بالزنا وشيدوا البنا واستحلوا الكذب وأخذوا الرشا واتبعوا الهوى وباعوا الدين بالدنيا وقطعوا الأرحام وسنوا بالطعام وكان الحلم ضعفا والظلم فخرا والأمراء فجرة والوزراء كذبة والأمناء خونة والأعوان ظلمة والقراء فسقة ، وظهور الجور وكثر الطلاق وبدء الفجور وقبلت شهادة الزور وشربت الخمور وركبت الذكور الذكور واشتغلت النساء بالنساء واتخذ الفيء مغنما والصدقة مغرما واتقى الأشرار مخافة ألسنتهم وخرج السفياني من الشام واليمن ... ).
في هذه الرواية السفياني يخرج من الشام واليمن، ولعل من يخرج من اليمن سفيانياً آخر غير سفياني الشام ولكنه منحرف مثله، ولذلك جمع بينهما بوصف السفياني، فعن أبي جعفر قال
… ثم يسير إليهم منصور
اليماني من صنعاء بجنوده وله فورة شديدة يستقبل الناس قتل الجاهلية ، فيلتقي هو والأخوص ، وراياتهم صفر ، وثيابهم ملونة ، فيكون بينهما قتال شديد ، ثم يظهر الأخوص السفياني عليه ، …) شرح إحقاق الحق ج29 ص 515.
وعن كعب : (لابد من نزول عيسى عليه السلام إلى الأرض ، ولا بد أن يظهر بين يديه علامات وفتن. فأول ما يخرج ويغلب على البلاد الأصهب، يخرج من بلاد الجزيرة، ثم يخرج من بعده الجرهمي من الشام، ويخرج القحطاني من بلاد اليمن، قال كعب الأحبار: بينما هؤلاء والثلاثة قد تغلبوا على مواضعهم بالظلم، وإذ قد خرج السفياني من دمشق ). شرح إحقاق الحق - للمرعشي ج29 ص530.
من هاتين الروايتين يتضح أن
اليماني الذي يخرج من بلاد اليمن شخص آخر غير
اليماني الموعود، فاليماني الموعود رايته راية هدى، وهي أهدى الرايات، بينما
اليماني أو القحطاني الذي يخرج من بلاد اليمن يستقبل الناس قتل الجاهلية، ويتغلب بالظلم.
وعلى أي حال وردت روايات أخرى يستشف منها تعدد شخصية
اليماني فقد روي عن عبيد بن زرارة، قال: (ذُكر عند أبي عبدالله السفياني فقال: أنى يخرج ذلك ولما يخرج كاسر عينيه في صنعاء)(غيبة النعماني: 277).
وروى الطوسي في الغيبة عن محمد بن مسلم: (يخرج قبل السفياني مصري ويماني) (غيبة الطوسي/447).
من يتأمل هذه الروايات يخرج بنتيجة تكاد تكون حتمية مفادها تعدد شخصية
اليماني. فنحن نعلم أن خروج
اليماني والسفياني يتم في يوم واحد وشهر واحد وسنة واحدة، كما تنص الرواية الواردة عن الباقر (ع) بينما تنص الرواية أعلاه المنقولة عن الطوسي على تقدم المصري واليماني على السفياني. الأمر الذي يدل على أن
اليماني المذكور فيها شخص آخر غير
اليماني الموعود. والأمر نفسه يقال بالنسبة للرواية الواردة عن عبيد بن زرارة، فهي تؤكد على أن خروج السفياني لابد أن يسبقه خروج رجل من صنعاء. ويعلق الشيخ الكوراني على هذه الرواية قائلاً: (( ويحتمل أن يكون هذا الذي يظهر قبل السفياني يمانياً ممهداً لليماني الموعود)) (عصر الظهور: 115). أي إنه يفترض كونه شخصاً آخر غير
اليماني الموعود، ويرى أنه شخصاً مهتدياً طالما كان يمهد لليماني الموعود، وعليه يكون ثمة أكثر من يماني يخرج في بلاد اليمن وحدها، لأننا علمنا مما تقدم بخروج رجل من اليمن تلقبه الروايات باليماني أو القحطاني وهو شخص منحرف.
ولكني أرى أن ما ذهب له الكوراني لا يوجد في الرواية ما يسعفه، فتعبير ( كاسر عينيه من صنعاء ) متشابه غامض الدلالة، ولا يمكننا بالنتيجة أن نستفيد من الرواية دلالة أكثر من أن شخصاً يخرج في صنعاء قبل السفياني.
إذن يمكننا القول باطمئنان أن عبارة ( من اليمن ) الملحقة بلفظ
اليماني في الروايتين الموجودتين في كتاب كمال الدين؛ يُحتمل فيهما أن يكون قد دسهما بعض النساخ وهو المرجح، بعد أن علمنا أن الروايتين متحدتان في السند، وفي الكثير من المضمون ,وأنهما قد نقلتا في كتب أخرى بصورة تخالف الموجود في النسخة المطبوعة، ويُحتمل أن يكون
اليماني المقصود فيهما هو يماني اليمن، وهو يماني آخر غير
اليماني الموعود، فأمرهما متشابه والظنون تؤطره من نواح عديدة لا يمكن معها الركون إليهما في معرفة شخص اليماني، لاسيما أن بأيدينا طريقاً محكماً واضحاً لتحديد هذه الهوية سيأتي بيانه بعد قليل.
ولا بأس هنا من الإشارة إلى ما ورد عن النبي (ص): (... وسيخرج من هذا – أي علي (ع) – فتى يملأ الأرض قسطاً وعدلاً فإذا رأيتم ذلك فعليكم بالفتى اليمني، فإنه يُقبل من المشرق، وهو صاحب راية المهدي).(المهدي المنتظر الموعود/ ب4: 107). فالرواية تقول إن الفتى اليمني يقبل من المشرق، والمعروف إن حركة
اليماني تستهدف الوصول الى الكوفة، فقد ورد عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال : (
اليماني والسفياني كفرسي رهان ) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 52 - ص 253.
ومن ينطلق من اليمن تكون الكوفة الى جهة المشرق بالنسبة له، ويكون مجيئه لها من قبل المغرب لا المشرق كما نصت الرواية، فيتحصل أن الفتى اليمني لا ينطلق من بلاد اليمن.
بل يمكن أن نستدل من هذه الرواية أن قائد الرايات السود هو
اليماني الموعود الذي تسميه الرواية ( الفتى اليمني )، فقد علمنا أن مكة من تهامة وتهامة من اليمن فآل محمد (ع) هم إذن من اليمن. وقائد الرايات السود من آل محمد كما تقدم وهو الذي يسلم الراية للإمام المهدي (ع) وهذه الرواية تقول إن الفتى اليمني هو صاحب راية المهدي (ع).
بل إننا يمكننا القول من منطلق هذه الرواية – وبعد التنزل جدلاً عن كل ما تقدم – أن آل محمد (ع) يمكن أن يقولوا:
اليماني من اليمن، ويكون مقصدهم الإشارة إلى أصله وهو كونه من آل محمد وهم يمانيون طالما كانت مكة من تهامة وتهامة من اليمن، وقد ورد كما سبق أن ذكرنا: ( ما المهدي إلا من قريش، وما الخلافة إلا فيهم غير أن له أصلاً ونسباً في اليمن ).
فالأئمة (ع) – وهو ما سبق أن تحدثنا عنه - انتهجوا سبيل التعريض والإشارة فيما يخص حركة
اليماني وحركة عصر الظهور عموماًُ، وذلك حفاظاً على نجاح هذه الحركة وعدم انكشافها للأعداء، يقول الإمام الباقر (ع) : ( ...إذا حدثناكم الحديث فجاء على ما حدثناكم به فقولوا: صدق الله، وإذا حدثناكم الحديث فجاء على خلاف ما حدثناكم به فقولوا: صدق الله، تؤجروا مرتين ) الكافي ج1 : 416.