بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين
وصلى الله على محمد وال محمد الائمة والمهدين وسلم تسليما كثيرا
حديث المنزلة:
يقول ابن عبد البر في الاستيعاب عن هذا الحديث : هو من أثبت الأخبار وأصحها . قال : وطرق حديث سعد بن أبي وقاص كثيرة جدا . فذكر عدة من الصحابة الذين رووا هذا الحديث ، ثم قال : وجماعة يطول ذكرهم[1].
ومثله يقول المزي في ترجمة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في تهذيب الكمال[2].
وذكر الحافظ ابن عساكر بترجمة أمير المؤمنين من تاريخ دمشق كثيرا من طرق هذا الحديث وأسانيده من عشرين من الصحابة تقريبا[3]. ويقول الحافظ ابن حجر العسقلاني في شرح البخاري بعد أن يذكر أسامي عدة من الصحابة ، ويروي نصوص روايات جمع منهم يقول : وقد استوعب طرقه ابن عساكر في ترجمة علي[4]. فهذا الحديث مضافا إلى أنه متواتر عند الإمامية، هو من الأحاديث الصحيحة المعروفة المشهورة عند أهل السنة ، بل هو من الأحاديث المتواترة عندهم كذلك . يقول الحاكم النيسابوري : هذا حديث دخل في حد التواتر[5]. كما أن الحافظ السيوطي أورد هذا الحديث في كتابه الأزهار المتناثرة في الأخبار المتواترة[6]، وتبعه الشيخ علي المتقي في كتابه قطف الأزهار المتناثرة في الأخبار المتواترة . وممن اعترف بتواتر هذا الحديث شاه ولي الله الدهلوي محدث الهند في كتابه إزالة الخفاء في سيرة الخلفاء .
أشهر رواة القوم لهذا الحديث في القرون المختلفة:
1 - محمد بن إسحاق ، صاحب السيرة . 2 - سليمان بن داود الطيالسي أبو داود الطيالسي ، في مسنده 3 - محمد بن سعد ، صاحب الطبقات . 4 - أبو بكر ابن أبي شيبة ، صاحب المصنف . 5 - أحمد بن حنبل ، صاحب المسند . 6 - البخاري ، في صحيحه . 7 - مسلم ، في صحيحه . 8 - ابن ماجة ، في صحيحه . 9 - أبو حاتم بن حبان ، في صحيحه . 10 - الترمذي ، في صحيحه. 11 - عبد الله بن أحمد بن حنبل ، هذا الإمام الكبير الذي ربما يقدمه بعضهم على والده ، يروي هذا الحديث في زيادات مسند أحمد وزيادات مناقب أحمد . 12 - أبو بكر البزار ، صاحب المسند . 13 - النسائي ، صاحب الصحيح 14 - أبو يعلى الموصلي ، صاحب المسند . 15 - محمد بن جرير الطبري ، صاحب التاريخ والتفسير . 16 - أبو عوانة ، صاحب الصحيح . 17 - أبو الشيخ الإصفهاني ، صاحب طبقات المحدثين . 18 - أبو القاسم الطبراني ، صاحب المعاجم الثلاثة . 19 - أبو عبد الله الحاكم النيسابوري ، صاحب المستدرك على الصحيحين . 20 - أبو بكر الشيرازي ، صاحب كتاب الألقاب . 21 - أبو بكر بن مردويه الإصفهاني ، صاحب التفسير . 22 - أبو نعيم الإصفهاني ، صاحب حلية الأولياء . 23 - أبو القاسم التنوخي ، له كتاب في طرق أحاديث المنزلة 24- أبو بكر الخطيب ، صاحب تاريخ بغداد . 25 - ابن عبد البر ، صاحب الإستيعاب . 26 - البغوي ، الملقب عندهم بمحيي السنة ، صاحب مصابيح السنة. 27 - رزين العبدري ، صاحب الجمع بين الصحاح . 28 - ابن عساكر ، صاحب تاريخ دمشق . 29 - الفخر الرازي ، صاحب التفسير الكبير . 30 - ابن الأثير الجزري ، صاحب جامع الأصول . 31 - أخوه ابن الأثير ، صاحب أسد الغابة . 32 - ابن النجار البغدادي ، صاحب تاريخ بغداد . 33 - النووي ، صاحب شرح صحيح مسلم . 34 - أبو العباس محب الدين الطبري ، صاحب الرياض النضرة في مناقب العشرة المبشرة . 35 - ابن سيد الناس ، في سيرته . 36 - ابن قيم الجوزية ، في سيرته . 37 - اليافعي ، صاحب مرآة الجنان . 38- ابن كثير الدمشقي ، صاحب التاريخ والتفسير . 39 - الخطيب التبريزي ، صاحب مشكاة المصابيح . 40 - جمال الدين المزي ، صاحب تهذيب الكمال . 41 - ابن الشحنة ، صاحب التاريخ المعروف . 42 - زين الدين العراقي المحدث المعروف ، صاحب المؤلفات ، صاحب الألفية في علوم الحديث . 43 - ابن حجر العسقلاني ، صاحب المؤلفات . 44 - السيوطي ، صاحب المؤلفات كالدر المنثور وغيره . 45 - الدياربكري ، صاحب تاريخ الخميس . 46 - ابن حجر المكي ، صاحب الصواعق المحرقة . 47 - المتقي الهندي ، صاحب كنز العمال . 48 - المناوي ، صاحب فيض القدير في شرح الجامع الصغير . 49 - ولي الله الدهلوي ، صاحب المؤلفات ككتاب حجة الله البالغة وإزالة الخفاء . 50 - أحمد زيني دحلان ، صاحب السيرة الدحلانية . وغير هؤلاء من المحدثين والمؤرخين والمفسرين من مختلف القرون والطبقات .
نص الحديث في صحيح البخاري:
حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا غندر ، حدثنا شعبة ، عن سعد قال : سمعت إبراهيم بن سعد عن أبيه [ أي سعد بن أبي وقاص ] قال النبي ( صلى الله عليه وسلم ) لعلي : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى[7]. قال : وحدثنا مسدد ، حدثنا يحيى ، عن شعبة ، عن الحكم ، عن مصعب - مصعب بن سعد بن أبي وقاص - عن أبيه : إن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) خرج إلى تبوك فاستخلف عليا فقال : أتكلفني بالصبيان والنساء ؟ قال : ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه ليس بعدي نبي[8].
حديث المنزلة في صحيح مسلم:
وأما لفظ مسلم ، فإنه يروي هذا الحديث بأسانيد عديدة لا بسند وسندين : منها : ما يرويه بسنده عن سعيد بن المسيب ، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص ، عن أبيه قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) لعلي : أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي . قال سعيد : فأحببت أن أشافه بها سعدا ، فلقيت سعدا فحدثته بما حدثني به عامر فقال : أنا سمعته ، قلت : أنت سمعته ؟ قال : فوضع إصبعيه على أذنيه فقال : نعم ، وإلا أستكتا[9]. في هذا الحديث ، وفي هذا اللفظ نكت يجب الالتفات إليها. وبسند آخر في صحيح مسلم : عن بكير بن مسمار ، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص ، عن أبيه قال : أمر معاوية بن أبي سفيان سعدا فقال : ما منعك أن تسب أبا التراب ؟ فقال : أما ما ذكرت ثلاثا قالهن له رسول الله فلن أسبه . . . فذكر الخصال الثلاث ومنها حديث المنزلة[10].
دلالات حديث المنزلة:
قبل كل شئ لا بد أن نرى ما هي منازل هارون من موسى حتى يكون علي نازلا من النبي منزلة هارون من موسى ، لنرجع إلى القرآن الكريم ونستفيد من الآيات المباركات منازل لهارون:
المنزلة الأولى : النبوة قال تعالى : ( ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا )[11]. المنزلة الثانية : الوزارة قال تعالى عن لسان موسى : ( واجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي )[12]، وفي سورة الفرقان قال تعالى : ( ولقد آتينا موسى الكتاب وجعلنا معه أخاه هارون وزيرا )[13]، وفي سورة القصص عن لسان موسى: (وأخي هارون هو أفصح مني لسانا فأرسله معي ردءا يصدقني )[14].
المنزلة الثالثة : الخلافة قال تعالى : ( وقال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين )[15].
المنزلة الرابعة : القرابة القريبة قال تعالى عن لسان موسى : ( واجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي اشدد به أزري وأشركه في أمري )[16]. ورسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يخبر في حديث المنزلة عن ثبوت جميع هذه المنازل القرآنية لهارون لعلي ما عدا النبوة. فقد أخرج رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) النبوة لقيام الضرورة على أن لا نبي بعده ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، ويبقى غير هذه المنزلة باقيا وثابتا لعلي ( عليه السلام ).
المنزلة الخامسة: من منازل هارون : أعلميته بعد موسى من جميع بني إسرائيل ومن كل تلك الأمة ، وقد ثبتت المنزلة هذه بمقتضى تنزيل علي منه بمنزلة هارون من موسى لأمير المؤمنين ( عليه السلام )[17].
من دلالات حديث المنزلة العصمة:
وهل من شك في ثبوت العصمة لهارون ؟ وقد نزّل رسول الله أمير المؤمنين منزلة هارون ، ولم يدع أحد من الصحابة العصمة ، كما لم يدعها أحد لواحد من الصحابة ، سوى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) . وحينئذ هل يجوز عاقل أن يكون الإمام بعد رسول الله غير معصوم مع وجود المعصوم ؟ وهل يجوز العقل أن يجعل غير المعصوم واسطة بين الخلق والخالق مع وجود المعصوم ؟ وهل يجوز الاقتداء بغير المعصوم مع وجود المعصوم ؟
دلالة حديث المنزلة على خلافة أمير المؤمنين ( عليه السلام ):
ننتقل الآن إلى دلالة هذا الحديث على خصوص الخلافة والولاية ، فيكون نصا في المدعى . ولا ريب في أن من منازل هارون : خلافته عن موسى ( عليه السلام ) ، قال تعالى عن لسان موسى يخاطب هارون : ( اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين )[18]. فكان هارون خليفة لموسى ، وعلي بحكم حديث المنزلة خليفة لرسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فيكون هذا الحديث نصا في الخلافة والإمامة والولاية بعد رسول الله . ومن جملة آثار هذه الخلافة : وجوب الطاعة المطلقة ، ووجوب الانقياد المطلق ، والطاعة المطلقة والانقياد المطلق يستلزمان الإمامة والولاية العامة . ولا يتوهمن أحد بأن وجوب إطاعة هارون ووجوب الانقياد المطلق له كان من آثار وأحكام نبوته ، لا من آثار وأحكام خلافته عن موسى ، حتى لا تجب الإطاعة المطلقة لعلي ، لأنه لم يكن نبيا . هذا التوهم باطل ومردود ، وإن وقع في بعض الكتب من بعض علمائهم ، وذلك لأن وجوب الإطاعة المطلقة إن كان من آثار النبوة لا من آثار الخلافة ، إذن لم يثبت وجوب الإطاعة للمشايخ الثلاثة ، لأنهم لم يكونوا أنبياء ، وأيضا : لم يثبت وجوب الإطاعة المطلقة لعلي في المرتبة الرابعة التي يقولون بها له ( عليه السلام ) ، إذ ليس حينئذ نبيا ، بل هو خليفة . فإذن ، وجوب الإطاعة لهارون كان بحكم خلافته عن موسى لا بحكم نبوته ، وحينئذ تجب الإطاعة المطلقة لعلي ( عليه السلام ) بحكم خلافته عن رسول الله ، وبحكم تنزيله من رسول الله منزلة هارون من موسى .
مناقشات القوم في الحديث:
المناقشة الأولى : إن هذا الحديث لا يدل على عموم المنزلة ، وحينئذ تتم المشابهة بين علي وهارون بوجه شبه واحد ، ويكفي ذلك في صحة الحديث ، أما أن يكون علي نازلا من رسول الله منزلة هارون من موسى بجميع منازل هارون فلا نوافق على هذا .
الجواب: الحديث يشتمل على لفظ وهو اسم جنس ( منزلة ) مضاف إلى عَلَم ( هارون ) قال : أنت مني بمنزلة هارون ، فكلمة المنزلة اسم جنس مضاف إلى علم وهو هارون ، ثم يشتمل الحديث على استثناء إلا أنه لا نبي بعدي ، فالكلام مشتمل على اسم جنس مضاف إلى علم ، ومشتمل على استثناء باللفظ الذي ذكرناه ، هذا متن الحديث . ولو رجعنا إلى كتب علم أصول الفقه ، ولو رجعنا إلى كتب علم البلاغة وكتب الأدب ، لوجدناهم ينصون على أن الاستثناء معيار العموم ، وينصون على أن من ألفاظ العموم اسم الجنس المضاف ، فأي مجال للمناقشة ؟ اسم الجنس المضاف بمنزلة هارون من صيغ العموم ، والاستثناء أيضا معيار العموم ، فيكون الحديث نصا في العموم ، إذ ليس في الحديث لفظ آخر ، فلفظه : أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ، وحينئذ يسقط الإشكال وتبطل المناقشة . وهذه عبارة ابن الحاجب الذي هو من أئمة علم الأصول ومن أئمة علم النحو والصرف وعلوم الأدب ، يقول في كتاب مختصر الأصول - وهو المتن الذي كتبوا عليه الشروح والتعاليق الكثيرة: ثم إن الصيغة الموضوعة له - أي للعموم - عند المحققين هي هذه : أسماء الشرط والاستفهام ، الموصولات ، الجموع المعرفة تعريف جنس لا عهد ، واسم الجنس معرفا تعريف جنس أو مضافا[19]. وقد يقال : لا بد من رفع اليد عن العموم ، بقرينة اختصاص حديث المنزلة بغزوة تبوك ، وإذا قامت القرينة أو قام المخصص سقط اللفظ عن الدلالة على العموم ، فيكون الحديث دالا على استخلافه ليكون متوليا شؤون الصبيان والنساء والعجزة - بتعبير ابن تيمية - الباقين في المدينة المنورة لا أكثر من هذا. لكن يرد هذا الإشكال وهذه الدعوى ، ورود حديث المنزلة في غير تبوك. وقد يقال أيضا : إن الاستثناء إنما يدل على العموم إن كان استثناء متصلا ، وهذا الاستثناء منقطع ، لأن الجملة المستثناة جملة خبرية ، ولا يمكن أن تكون الجملة الخبرية استثناؤها استثناء متصلا . ولكن عندما نراجع ألفاظ الحديث نجد فيها مجئ كلمة النبوة مستثناة بعد إلا ، وليس هناك جملة خبرية ، وسند هذا الحديث أو هذه الأحاديث سند معتبر ، وممن نص على صحة سند الحديث بهذا اللفظ : ابن كثير الدمشقي في كتابه في التاريخ البداية والنهاية[20]. على أن من المقرر عندهم في علم الأصول وفي علم البلاغة أيضا : إن الأصل في الاستثناء هو الاتصال ، ولا تُرفع اليد عن هذا الأصل إلا بدليل ، إلا بقرينة ، وأراد صاحب التحفة أن يجعل الجملة الخبرية المستثناة قرينة ، وقد أجبنا عن ذلك بمجئ المستثنى اسما لا جملة خبرية . ولو أردتم أن تطلعوا على تعابيرهم وتصريحاتهم بأن الأصل في الاستثناء هو الاتصال لا الانقطاع يمكنكم مراجعة كتاب كشف الأسرار في شرح أصول البزدوي[21] للشيخ عبد العزيز البخاري الذي هو من مصادرهم الأصولية . كما بإمكانكم مراجعة كتاب مختصر الأصول لابن الحاجب[22] أيضا ، وهو ينص على هذا . بل لو راجعتم شروح الحديث ، لوجدتم الشراح من المحدثين أيضا ينصون على كون الاستثناء هذا متصلا لا منقطعا ، فراجعوا عبارة القسطلاني في إرشاد الساري[23].
المناقشة الثانية: إن حديث المنزلة إنما ورد في خصوص غزوة تبوك ، وإن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال هذا الكلام عندما خرج في غزوة تبوك وترك عليا ليقوم بشؤون أهله وعياله ومن بقي في المدينة المنورة ، فالقضية خاصة وحديث المنزلة إنما ورد في هذه القضية المعينة.
الجواب: لم ينحصر صدور حديث المنزلة في غزوة تبوك فقط ، بل نجد في الأخبار المعتبرة والروايات الصحيحة أن النبي (ص) أعلن حديث المنزلة في مناسبات أخر، مثل يوم المؤاخاة يروي السيوطي في الدر المنثور هذا الحديث : عن البغوي ، والباوردي ، وابن قانع ، والطبراني ، وابن عساكر. وهو أيضا : في مناقب علي لأحمد، وفي الرياض النضرة في مناقب العشرة المبشرة، وفي كنز العمال أيضا عن مناقب علي [24]. وقاله (ص) في حديث الدار ويوم الإنذار ففي رواية أبي إسحاق الثعلبي في تفسيره الكبير ذكر هذا اللفظ : فأيكم يقوم فيبايعني على أنه أخي ووزيري ووصيي ويكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي. وقاله (ص) في خطبة غدير خم. وفي قضية سد الأبواب، كما روى الفقيه ابن المغازلي في مناقب أمير المؤمنين[25]. وفي حديث عن جابر قال : جاء رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ونحن مضطجعون في المسجد قال رسول الله : أترقدون بالمسجد ! إنه لا يُرقد فيه ، فحينئذ خاطب عليا وكان علي فيهم قال: تعال يا علي ، إنه يحل لك في المسجد ما يحل لي ، أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا النبوة . وهذا أيضا في تاريخ دمشق[26]. وقاله لأم سلمة : يا أم سلمة ، إن عليا لحمه من لحمي ودمه من دمي ، وهو مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي[27]. وهناك موارد أخرى.
المناقشة الثالثة: روى قزعة بن سويد ، عن أبي مليكة ، عن ابن عباس ، قال رسول الله (ص) : أبو بكر وعمر مني بمنزلة هارون من موسى .
الجواب: هذا الحديث كذب، كما قال الذهبي في كتابه " ميزان الاعتدال " قال في ترجمة قزعة بن سويد : نقل هذا الحديث ـ منزلة الشيخين ـ عمار بن هارون وأنكره فقال : هذا كذب.
المناقشة الرابعة: ذكر ابن تيمية الحديث الذي شبه فيه رسول الله أبا بكر بإبراهيم ، وشبه فيه عمر بنوح ، وقال : هذا الحديث في الصحيحين.
الجواب: وهو كذب ، فليس هذا الحديث في الصحيحين ، ودونكم كتاب البخاري ومسلم ، ويشهد بذلك كتاب منهاج السنة ، هذه الطبعة الجديدة المحققة التي حققها الدكتور محمد رشاد سالم ، المطبوعة في السعودية في تسعة أجزاء ، راجعوا عبارته، واستشهاد ابن تيمية بهذا الحديث ونسبته إلى الصحيحين ، يقول محققه في الهامش : إن هذا الحديث إنما هو في مسند أحمد ، ويقول محقق المسند الشيخ أحمد شاكر في الطبعة الجديدة : هذا الحديث ضعيف . وهو أيضا في مناقب الصحابة لأحمد بن حنبل ، المطبوع في جزئين في السعودية أخيرا ، فراجعوا لتروا المحقق يقول في الهامش : إن سنده ضعيف . فالحديث ليس في الصحيحين ، ليعارض به حديث المنزلة الموجود في الصحيحين ، وإنما هو في بعض الكتب ، وينص المحققون في تعاليقهم على تلك الكتب بضعف هذا الحديث.
[1] - الاستيعاب 3 / 1097 - دار الجيل - بيروت - 1412 ه .
[2] - تهذيب الكمال 2 / 483 - مؤسسة الرسالة - بيروت - 1413 ه .
[3] - انظر في الكتاب المذكور ترجمة الإمام علي ( عليه السلام ) 1 / 306 - 393 .
[4] - فتح الباري في شرح صحيح البخاري 7 / 60 - دار إحياء التراث العربي - بيروت .
[5] - انظر ذلك في كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب للحافظ الكنجي : 283 .
[6] - الأزهار المتناثرة في الأحاديث المتواترة : حرف الألف .
[7] - صحيح البخاري 5 / 24 - دار إحياء التراث العربي - بيروت .
[8] - صحيح البخاري 6 / 3 .
[9] - صحيح مسلم 4 / 1870 رقم 2404 - دار الفكر - بيروت - 1398 ه .
[10] - صحيح مسلم 4 / 1871
[11] - سورة مريم : 53 .
[12] - سورة طه : 29 .
[13] - سورة الفرقان : 35
[14] - سورة القصص : 34
[15] - سورة الأعراف : 142 .
[16] - سورة طه : 31 .
[17] - انظر في أعلمية هارون بعد موسى في تفسير قوله تعالى : ( قال إنما أوتيته على علم عندي ) في: تفسير البغوي 4 / 357 - دار الفكر - بيروت - 1405 ه . تفسير الجلالين 2 / 201 - نشر مصطفى البابي الحلبي بمصر - 1388 ه .
[18] - سورة الأعراف : 142 .
[19] - المختصر ( بيان المختصر 2 ) : 111 - مركز إحياء التراث الإسلامي - مكة المكرمة .
[20] - البداية والنهاية ، المجلد 4 الجزء 7 / 340 .
[21] - كشف الأسرار 3 / 178 باب بيان التغير - دار الكتب العلمية - بيروت - 1418 .
[22] - المختصر ( بيان المختصر 2 ) : 246 .
[23] - إرشاد الساري 6 / 117 - 118 - دار إحياء التراث العربي - بيروت .
[24] - انظر: الدر المنثور 6 / 76 - 77 . فضائل أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : 142 رقم 207 . الرياض النضرة 3 / 182 ، قطعة منه . كنز العمال 9 / 167 رقم 25554 و 13 / 105 رقم 36345 .
[25] - مناقب الإمام علي ( عليه السلام ) للمغازلي : 255 - 257 .
[26] - ترجمة الإمام علي ( عليه السلام ) من تاريخ دمشق 1 / 290 رقم 329 .
[27] - ترجمة الإمام علي ( عليه السلام ) من تاريخ دمشق 1 / 365 رقم 406 .
http://ar.al-mehdyoon.org/adela/al-sunna/manzela.html
.